عريضة نداء من أجل الإئتلاف الرباعي

تعيش تجربتنا الديمقراطية التعددية الوليدة حالة إرباك شديدة منذ أيام، سببها ما تلا ميلاد ما يسمى بحركة نداء تونس (السبسي) من جهود حثيثة ومساع محمومة لفرض واقع سياسي جديد قوامه إستقطاب ثنائي مغلوط بين الحركة الوليدة وحركة النهضة، يلغي من المعادلة كافة القوى السياسية القائمة باختلاف مواقعها وأوزانها ومستوى حضورها السياسي والميداني وعمقها الشعبي والتاريخي والنضالي...

وحيث يهدف هذا المسعى لإزاحة المعارضة بالكامل وإقصائها ضمنيا وعمليا من المشهد السياسي، فإنه يصل مداه بتحديد الخيارات الإنتخابية وحصر الناخب بين خيارين إثنين لا ثالث لها، فإما السبسي وإما النهضة، حيث سيتعين على من يرفض أحدهما إختيار الآخر أو الإحتفاظ بصوته والإمتناع عن التصويت...

وهذا الإستقطاب الثنائي المغلوط والمراد فرضه، يجعل الناخب في تبعية مقيتة لطرفيه ويرهن إرادته ويقلل بدائله المتاحة ويتسلط على قراره بإجباره على إختيار البديل الوحيد لما يرفضه...

كما أن هذا المسعى إن كتب له النجاح، فسيأدي لإفراغ تجربتنا التعددية من محتواها وتذويب عناصر ثرائها وتنوعها وسيتسبب بتشويه المشهد السياسي الطبيعي بخلق حالة مصطنعة لا تمثل واقعا حقيقة التوازنات السياسية وتلغي من المعادلة أرقاما لا يصح إلغائها ولا يستقيم التوازن بدونها...

وإذ يستثمر أصحاب هذا المسعى حالة التشتت والضعف التي تعيشها المعارضة وما تعانيه مكوناتها من علل وانشقاقات وما يفرق بينها من حواجز بعضها أيديولوجي وبعضها ناتج عن هوس الزعامة لدى بعض من القيادات الصدئة المهترئة التي تنتصب في أحزابها كالأصنام في معابدها...، فقد نجحوا إلى حد ما وخلال بضعة أيام في إختراق الصفوف واستثمار الحالة المرضية للمعارضة في التوسع على حسابها... وقد لاحضنا حراكا لبعض الأطراف السياسية نحو الإلتحام بحزب السبسي، بيد ان هاته الأطراف بعينها لا تعتبر مقياسا صحيحا، حيث تمثل بناءات خاوية على عروشها، وكيانات عقيمة تفتقد للمشروع وتعيش حالة من الجمود والضياع وانعدام الأفق والرؤية المستقبلية، فتأثرت سريعا بمضاهر العظمة المصطنعة إعلاميا وخَطَابيّا وبالإرباك الذي سببه المسعى المذكور للعناصر المهترئة داخليا في الساحة السياسية... وعليه فإنها لم تكن تمثل أرقاما ماثرة في المعادلة السياسية ولا وزن لها ولا حضور وقد يكون ضررها للتجربة الوليدة اكثر من نفعها...


لقد نبهنا باستمرار ومنذ بداية المرحلة الإنتقالية الثانية لحالة الإختلال الشديد في التوازن بين قوى الأكثرية والمعارضة بشقيها النيابي والغير ممثل نيابيا، وحذرنا من تأثيره على أداء المعارضة لدورها الوطني الطبيعي في المنظومة السياسية الديمقراطية الوليدة من حيث الرقابة و النقد لأداء الحكومة القائمة والتصدي لنوازع الهيمنة ولمختلف التجاوزات والإنتهاكات للحقوق و الحريات، ناهيك عن التصدي لأية محاولة إنقلابية على المبادئ والأهداف الثورية في العملية التأسيسية وفاعليتها بشكل عام في إنجاز المهام المتعلقة بالمرحلة وإنجاح الرهانات التي تتظمنها، وحيث أن التوازن إختل زيادة رغم الحراك التوحيدي الذي شهدناه بين صفوف المعارضة، فإن مساعي الإنصهار التي تجسمت لم تفرز أقطابا سياسية قوية ضمن مجال المعارضة ولم تحقق ما علّق عليها من آمال، بل تسببت أحيانا في إنشقاقات وانسلاخات أضعفت الكيانات الوليدة وسببت تشوها في بنيانها ووأدتها في المهد...



ولقد تعالت أصواتنا منادية بحتمية توحيد جهود المعارضة وتجميع طاقاتها لخلق ثقل موازن وعناوين مخالفة تحاكي بروز الحزب الحاكم أو تكاد في الإنتخابات المقبلة وتعالت أصوات كثيرة في المعارضة تأكد حتمية هذا المسار، للنجاة من هيمنة أحادية ولإنتاج تعددية متوازنة ولو نسبيا، بيد أنه ونظرا لما استجدّ في المشهد من محاولات الفرض القسري لأمر واقع هجين لا يستجيب لمنطق التحولات الطبيعية وسيتسبب في حال إستمر مساره في سهل مفتوح منبسط في تخريب التجربة السياسية وتقويض أركان البناء التعددي السليم...، فإن كافة القوى الوطنية مدعوة للتحرك في إتجاه الوحدة بين كياناتها ضمن أطر تنظيمية تجمعها أو جبهوية أو في نطاق تحالفات موسعة لخلق عناوين بارزة تمثل ثقلا موازنا وتعدد البدائل الجدية المتاحة أمام الناخب في الإستحقاق الإنتخابي المقبل...



إن الحل في الخروج من هذا المأزق وإنقاذ التعددية في تجربتنا الديمقراطية يكمن في بناء قطب وسطي ديمقراطي، لنقول للسيد السبسي أنه لن يمثل عاملا دافعا نحو التوازن بإزاحة المعارضة وإنما هو يتسبب في تخريب العملية السياسية برمتها في سياق بحثه عن تحقيق التوازن وفق منظوره ومقاربته، وأنه لن يحتكر البديل الموازن، حيث سننتج بديلنا الذي سيحضى إنشاء الله بثقة الناخبين وأصواتهم...



وحيث أن عدد من القيادات البارزة في المعارضة قد تآكلت مصداقيتها وتقلصت قدرتها على الجذب و التجميع ناهيك عن الفشل في المحافظة على التماسك التنظيمي لكياناتها السياسية، وعدد أخر من القيادات يعاني من دوغمائية لا تأهله للعب دور مركزي في عملية توحيدية كالتي نرجوها، فإننا نتبين الأمل في إجتماع أربعة من القيادات السياسية الوطنية التي تضحى بالمصداقية والقبول والسمعة الطيبة والرصيد النضالي، كما تتمير بالنضج السياسي وبخاصية توفيقيّة تأهلها لإنجاز مماثل، وهي تتمثل في السادة محمد القوماني وعبد الرؤوف العيادي ومحمد الحامدي وعبد الفتاح مورو...



إن إجتماع هذا الرباعي وتوحده في مرحلة أولى، سيكون بمثابة القاطرة لبقية مكونات القطب الوسطي الديمقراطي التي ستلتحق فيما بعد، خاصة أن الجميع واعون بضرورة تشكيل هذا البديل البارز وخصوصا في هذا التوقيت الحرج، مما سيجعل من إلتقاء الرباعي بارقة أمل وبصيص نور للقوى الوطنية الوسطية التي لا تناسبها عبائة النهضة أو حضن السبسي...



وعليه فإن مطلقوا العرييضة والموقعين عليها كافة، يطالبون أطراف الرباعي باللقاء والحوار والإتفاق وتغليب الملصحة الوطنية على كافة الإعتبارات وتحمل المسؤولية التاريخية بقيادتهم لمسار البناء للقطب الوسطي الديمقراطي واقتناص كل فرصة ممكنة قد لا تتكرر

هشام سليني ناشط سياسي

محمد المتاني ناشط سياسي

زهير حمودي ناشط سياسي

حاتم السهيلي ناشط سياسي

فؤاد التليلي ناشط سياسي

جمال الدين المستيري ناشط سياسي

محمد الهدواج ناشط سياسي

محمد صحبي العلوني ناشط سياسي

ماهر الكيلاني ناشط سياسي

منذر الكيلاني ناشط سياسي

إلياس لمرابط ناشط سياسي

رانية الجميعي ناشطة سياسية

 

http://nsa29.casimages.com/img/2012/06/26//120626071820636082.jpg